في الاتحاد السوفييتي، تلك الدولة الشيوعية الكافرة الفاجرة، تعطى المرأة التي تنجب عشرة أطفال، سواء أكان من حلال أو من حرام -المهم أن تثبت أنها أنجبت من رحمها عشرة أطفال- تعطى وساماً تعلقه على صدرها، وتقدم لها تسهيلات في التنقل واستعمال وسائل المواصلات العامة، وتعطى شيئاً من الحصانة؛ لأنها استطاعت أن تنجب عشرة أطفال -طبعاً هذا يتعلق بغير المسلمات- سيصيرون إذا كبروا اشتراكيين عماليين.
إذا جئنا إلى واقع المرأة من هذه الزاوية وأخذنا نموذجين وقارنا بينهما، فسنجد أن المرأة التي تتزوج وهي في الثامنة عشرة -وفي مجتمعنا كانت الفتاة تتزوج وهي في الخامسة عشرة على الأقل- إذا وصلت إلى الأربعين كم نتوقع أن يكون عندها من الأطفال؟
في العادة في مجتمعنا هذا قد يصلون إلى ستة، فلنفرض أنهم خمسة فقط مع أن هذا معدل قليل جداً، ولنفترض أن الطفل الأول ولد وهي في سن الثامنة عشرة أو العشرين، فكم سيكون عمر الطفل الأول حين تبلغ هي الأربعين من عمرها؟ سيكون عمره عشرين سنة، أي: سيكون شاباً قوياً، والذي بعده سيكون قد بلغ ثماني عشرة سنة، أي أنه شاب قوي أيضاً، والذي بعده سيبلغ خمس عشرة سنة، وكذلك الحال إن كان المولود فتاةً، فالأبناء بصورة عامة سيكونون عندئذٍ في سن الزواج.
إذاً: هذه الأمة بعد جيلين أو ثلاثة سيتضاعف عدد سكانها، وستكون أمةً شابة.. الشباب فيها متجدد.
لكن لو أن المرأة توظفت وعملت ولم تتزوج -كما يقال أحياناً في زوايا المجلات- وفضلت العمل على الزواج -بئس الاختيار والله!- فكيف يكون حالها حين تكبر؟
هذه المرأة حين تبلغ الأربعين من عمرها سوف تصبح عجوزاً، مجهدة، منهكة، محطمة نفسياً؛ لأنها لم تتزوج، ولن تستطيع أن تستمر في العمل لكبر السن وللعوامل النفسية والطبيعية والصحية... إلخ، ثم إنها قد لا تتزوج إلى الأبد، وإن تزوجت وهي في الأربعين فإنها ستقبل بأول طارق يطرق بابها طالباً الزواج بها.
كما أنها خلال العشرين سنة التي أمضتها في الوظيفة لم تعط العطاء الصحيح أثناء العمل، ومع ذلك فهي هرمة.
والأخرى تلك نجد نفسيتها أفضل، وصحتها أحسن، تعيش مطمئنة في ظل بيت وأسرة، وفي هذا البيت يوجد هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين العشرين سنة والعشر سنوات...
ولو نظرنا إلى النتيجة بالحسابات المادية المجردة، فأيهما تكون قد قدمت خدمة أفضل لأمتها؟ أهذه التي أنجبت هذا العدد من الشباب، أم تلك الهرمة التي لا تملك شيئاً إلا نفسيةً محطمةً تفرزها على المجتمع نقمةً وسخطاً وكآبة ومطالبات لأمور لا يحق لها أن تطالب بها؟
أقول: من هذا المثال يتبين لنا أن الأمة كلها لو سارت على نهج الإسلام، وتزوجت الفتيات في سن الزواج، وانصرفن إلى الوظيفة العظمى التي خلقن لها وهي الأمومة وما يتعلق بها، وكان العمل بالنسبة لهن محدوداً في الميادين الخاصة بالمرأة، ومحكوماً بالأسس والأحكام الشرعية الواضحة التفصيلية، وترك المجال للشباب، فإن حال هذه الأمة سيكون أفضل.
وبالمقابل: لو أن الأمة انساقت وراء هؤلاء الهدامين، وفضلت نساؤها العمل على الزواج، وتركن إنجاب الأطفال، وبقيت العمالة الوافدة بمفاسدها وبما فيها من شرور، لأصبحت هذه الأمة أمةً هرمةً.. أمةً لا تملك الشباب الذين يمثلون القوة التي تحرص كل أمة عليها.